يقع قصر "الزهراوي" في حي "الحميدية"، ويعود بناؤه للعهد "المملوكي"، ويعتبر من أهم بيوت حمص الأثرية..
سمي القصر نسبة للعائلة التي أقامت واستقرت فيه وقد تم استخدامه كدار للحكم في حمص بعد "قلعة أسامة" وذلك في نهاية عهد الأسرة "الأسدية" التي حكمت حمص طويلاً، ويدلنا على ذلك تصميم البناء وتحصيناته العسكرية والذي يتألف من قسمين رئيسيين:
الأول: ويسمى "الدار الكبيرة" وتضم ثلاثة أجنحة: الشمالي، الشرقي، الغربي وهذه تعود للعهد "المملوكي" (القرن13م)، وتقول لوحة تأسيس البناء أن بانيه هو "علي بن أبي الفضل الأزهري".
أما القسم الثاني فيعرف "بالقصر" ويشمل القسم الجنوبي الذي يعود للعهد "العثماني" (أواخر القرن 18 م وأوائل القرن 19)، بانيه "أحمد أبو المعالي القاضي"، وقد بني هذا القسم فوق قبوين من العهد البيزنطي، كما اكتشف تحت القبوين مدفن يعود
للقرون الميلادية الأولى.
وقد ألحق بالقصر بناء آخر في القسم الشرقي منه أنشأ فيه الشيخ "موسى بن زهرة" زاوية وجامعاً خاصاً به، أما آخر إضافة للقصر فهي الملحق الغربي الذي بناه "عبد القادر الزهراوي".
وعند زيارتنا للقصر نراه يتألف، من بناء مربع ذي طابقين يطلان على الباحة التي يشكل الإيوان ركنها الجنوبي، ثم تتوزع أبواب الغرف على بقية جوانب الباحة.
تعلو البوابة الرئيسية للقصر قنطرة ذات قوس ثلاثي الفصوص، وقد أغلقت تلك البوابة عند انهيار القسم الغربي في القصر وأقيم مكانها سبيل ماء واستعيض عنها بالمدخل الحالي على يسار البوابة الرئيسية.
تتجلى في القصر تقاليد معمارية غنية تدلنا بشكل واضح على تعدد مراحل البناء في القصر
وعلى عصور تاريخية متباعدة، فالتأثير "الفارسي" يتضح بالأقواس المرتكزة على الجدران والتي تلتقي في الأعلى لتشكل قوساً كبيراً، كما أن الأقواس التي بشكل حدوة حصان هي من التقاليد المعمارية "العباسية"، وهناك المقرنصات "الأيوبية" والزخرفة "المملوكية"، وعلى أحد جدران القصر نجد كتابة تعود للعهد "الأموي".
كما نلاحظ وجود شعار "مملوك"ي يعود للملك "الظاهر بيبرس" وهو شعاره المشهور (السبعين المتقابلين)، وقد نقش على حجر ووضع على الواجهة الشمالية لباحة القصر.
من أجمل الأعمال الفنية في القصر سقف الإيوان بمقرنصاته المزخرفة بدقة وإبداع، والتي تتخذ الشكل البيضوي، حيث ترتكز أقواس السقف على الجدران.
وقد قامت مديرية الآثار مؤخراً بترميم القصر، وسيتم قريباً افتتاحه كمتحف للتقاليد الشعبية والحرف اليدوية، حيث
سيضم ضمن أجنحته وقاعاته جميع الصناعات اليدوية التي انقرضت، أو التي في طريقه للانقراض، وعدة نماذج للأساس المنزلي الريفي وأثاث المنزل الحمصي، فضلاً عن الألبسة المنزلية والأزياء التقليدية والأسلحة الشعبية، بالإضافة لتخصيص قاعة للأطفال تحتوي على مجموعة من الألعاب التي تخلى عنها الجيل الحالي.
* يعد قصر الزهراوي من المعالم المهمة في مدينة حمص التي تزخر بالعديد من المواقع الاثرية التي تعود لعصور مختلفة منها الحمامات والسيباطات والكنائس والقصور والتلال والايقونات التي مازالت حتى اليوم تجري فيها اعمال التنقيب والبحث الاثري لاكتشاف المزيد من الكنوز الاثرية.
ويقع قصر الزهراوي وسط مدينة حمص القديمة ويحمل طابعا فريدا من نوعه في سورية من حيث خصوصية البناء في العهد المملوكي الذي ترك اثرا ضخما يمتاز بزخرفة فنية عالية المهارة.
وذكرت «سانا» أن القصر يقسم الى خمسة اقسام دلت عليها التحريات الاثرية التي اجريت للقصر عام 1990 واسفرت عن وجود مدفن بيزنطي تحت الاقبية في الجناح الجنوبي من القصر كما يوجد قبوان تحت الارض وفوقها قبوان آخران في الجهة الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية بناؤهما بيزنطي.
اما القسم الثاني من القصر فهو بناء ايوبي واوائل العهد المملوكي حيث تم بناء الاجنحة الثلاثة المطلة على الفناء الداخلي والقسم الثالث أنشئ للحاكم والرابع كان زاوية للشيخ موسى الزهراوي قبل عام 855 هجري اما القسم الخامس والاخير فهو القصر الغربي العثماني الذي استعمله الشيخ المناضل عبد الحميد الزهراوي كمركز للتوعية الحضارية والعلمية والسياسية ضد العثمانيين في أوائل القرن العشرين.
وعند الولوج الى داخل القصر عبر ممر يؤدي الى فسحة سماوية ترى الاجنحة المتوزعة على مدار القصر والطابقين السفلي والعلوي اما الجناح العثماني الذي يتالف من باحة وسطية وجناحين شمالي وجنوبي فقد هدم منه الجناح الجنوبي ولم يبق منه شيء.
وتميزت مباني القصر بصغر حجمها مع وجود فناء وفي عام 1990 كشفت دائرة آثار حمص صهريجا مائيا طوله 4 امتار وعرضه 4 امتار وعمقه ايضا 4 امتار لحفظ المياه حيث قامت الدائرة ببناء البركة المائية الحالية المثمنة الشكل من الحجر البازلتي ويجد الزائر أن القصر تزينه الضفائر والاشرطة بما فيها كتابات حجرية مزخرفة ومنقوشة على الحجر الابيض والاسود كما استعمل الخشب بطريقة الحفر مع استعمال الرسوم الهندسية المدهونة بالاصبغة في السقوف والجسور والعوارض.
واعتبر الاختصاصيون الآثاريون والسياح الاجانب الذين زاروا القصر وجالوا فيه أن القصر يعتبر مدرسة تمثل روعة وجمالية عمل المهندس المملوكي.
واشار المهندس فريد جبور مدير دائرة الآثار والمتاحف في حمص الى اهمية هذا القصر في مدينة حمص والذي يؤمه السياح بشكل كبير لمشاهدة روعة بنائه وزخرفاته مؤكدا ان المديرية انهت حاليا بعض اعمال الترميم والتأهيل للقصر من اجل تأهيله ليكون متحفا للتقاليد الشعبية في المدينة.